رساله منقولة لكنها اعجبتنى

لا يوجد إنسان فى العالم سيحبك أكثر منى قالتها مرارا وتكرارا.. كنت أعرف معناها كنت أحفظ حروف تلك الجملة وأدرك حقيقتها لكننى أبدا لم أتوقف عندها، ربما لأنها كانت تملأ كل حياتنا بالبهجة والحيوية، فلديها القدرة على الحديث الشيق والحكى لا ينافسها فيه أحد.
رغم أننى أؤمن أن الموت لا مفر منه وأن لكل منا موعدا، ورغم أنها كانت من أكثر النساء اللائى رأيتهن لا يخفن الموت بل ينتظرونه على أحر من الجمر، فإن صدمتى كانت عارمة، بقدر عشقى لها.
كم تمنت أن تلقى ربها صائمة وقد كتب الله لها ما أرادت، لا يوجد إنسان اقترب منها إلا وأحبها، وتمنى أن تكون أمه.. وقد يطلب منها أن تدعو له وهى لا تعرفه.
ذات مرة سألتها «بتدعى لى يا أمى؟ فقالت طبعا بادعيلك، إذا كنت بادعى لطوب الأرض مش هادعيلك!.. هذه الجملة ليست مجازية أو مبالغا فيها، فقد كانت تدعو لطوب الأرض».. فهى فى كل يوم لديها مجموعة من الأسماء تدعو لهم بظاهر الغيب.
كانت تجد المتعة فى لمة الأهل والأصدقاء حولها، لم يعرف قلبها يوما كره إنسان حتى ولو أساء إليها».
عندما كنت صغيرة أدركت أمى أن ما أكتبه من خواطر وجمل وعبارات بجوار بعضها البعض هو نواة لأديبة وصحفية فى المستقبل، فكانت قارئتى الوحيدة، أذكر أنها كانت تنصت إلى بأذنيها وكل جوارحها بلا ملل، بل تأتينى ابتسامتها الوديعة ليشرق وجهها بحب جارف وإيمان بموهبة ابنتها، وأنتظر فى كل مرة رأيها الذى يضفى على حياتى انتعاشة وقوة، وأتركها تستكمل عملها فى المنزل بعد أن أعطتنى دفعة للأمام، وعندما تحقق حلمها، وأصبحت صحفية اعتبرت أنها صاحبة الفضل الأول بعد الله سبحانه وتعالى فى تحقيق حلمى البسيط.
ولأنها شخصية طموحة بطبعها فلم تتوقف أحلامى، بل تخطت مجرد العمل الصحفى إلى الكتابة الأدبية، وقتها تمنت أن ترانى أديبة مشهورة يقرأ لها الجميع ما تكتبه ولا يقتصر القراء عليها.. تحقق جزءا من الحلم، ولكن أمى رحلت قبل أن ترانى من الأدباء المشاهير، لكننى وعدتها أن أحقق بقية الحلم، والآن لأول مرة فى حياتى منذ بدأت الكتابة الصحفية والأدبية أكتب وأمى لن تقرأ ما أكتبه.
رحم الله أمى.. رحم الله أغلى مخلوقات الأرض إلى قلبى وأسكنها فسيح جناته، فهى تستحق.